قصيدة المزارع….. روضة الجمال
المزارع….. روضة الجمال
نظمت هذه الأبيات في رحلة إلى المزارع الواقعة في وادي السق الذي يجرى إلى المسفاة ، وهي على بعد أكثر من ثلاث ساعات مشيا من المسفاة، وقد قد ذكرت فيها الأماكن والكيران ( جمع كور وهو الحفرة الكبيرة في الجبل تتجمع فيها المياه) ، وقد كانت الرحلة في شهر صفر من عام 1417هـ الموافق يونيو من عام 1996م
هــــبَّ النسـيمُ، فـقُـمْ بنـــا ياســـــاري
نرقى سـوياً شــامخَ الأمــــصـار
ودع الـذين تكـــالبوا في ســــــهـــلِها
وازحفْ بنا ندنــو مــن الأقــمار
فنفــوسُـنا قــد أسـرفَــتْ في خـــدرِها
طولَ البـقـاءِ كمثـــلِ ظلَّ جـــدار
قـــم حيِّها، فاليومَ أقســمــت الـيـمـــيـ
ــنَ بأنها قــدمٌ علــى المــضـمار
في سفحِ (قَـنَّـتِـنا) العــظيمةِ أدركتْ
عــــزاً يُــنال على يدِ الأخــطـار
فقد اغتدتْ لتــفارقَ(الحمـــراءَ) و(الـ
ـمِسْفاةَ) و(الطُّــويـانَ) للأخــــيار
وتَيامــنَ الأصحــابُ نحــوَ مـــزارعٍ
زُرعتْ بها الأشجارُ في الأحجار
مروا على (مِلْواحِها)،(قَـفَصِ )، (الـ
قشيرةِ)إذ غدو في (وردةِ)الأكوار
قد أنصتـــوا لمقتولةِ (الطَـبْلــيـــنِ)إنَّـ
ـي لا أجــفُّ، ولا تُــرى أغواري
وسَل (الصُويْــعَ) إذا رأيــتَ صخورَه
وقــبورَه عــــن قـــصةِ الأشـرار
وإذا رأيتَ مـن (المُرَيْــدِمَةِ) الــــرَّدى
فاثـبـتْ وثِـــقْ بــمقــــدِّرِ الأقـدار
صخرٌ على صخـــرٍ تــــراكمَ لاصقـا
أو حفنـــةٌ مـــن طــيــنةِ الـفــخار
لكنهم إنْ شـــــارفـــــوا (زامَ الهَـبُــــو
بَ)غـــدو بهــا كالكـوكبِ السيَّار
ورأيت نفسي في (الصحيْمِ) تعود كي
تُحيي هــوى في سَــالـفِ الأعمار
قــفـزاتُ رجـــلي كَـمْ تكــرَّرَ وقــعُـها
فـــوقَ الصخـورِ تسـيـرُ بالأظفار
ودلـفـتُ في يَــمٍ أسابـــق إخــــوتــــي
وخرجتُ أُسرع كي يجفَّ إزاري
ويـحـــذِّرون من (الدبَـيَّــةِ) جـحــفــلا
قـد جـاز فـوق (مُريـدم) الأخطار
ولَكَــمْ وقـفـتُ لكـي أُعـــاين جـــــدولا
أضحـى يُحــاكــي رنَّـــةَ القــيـثار
ورفعتُ ثوبيَ كي أخوضَ ميـاه(حَــمّـ
ـَـامٍ) جــــرى كالــفيــلقِ الجـرَّار
مـــاءٌ زلالٌ قـــد جــرى ، من حــولِـه
شجـــرٌ أحـــاطَ به كـمـثـلِ سـوار
وثنيتُ ظهــريَ كي أمــرَّ ب(خـيــمةٍ)
ما خيمـــةٌ نُـــسجـت مـن الأشجار
وجلسـتُ في صفـــواتِــــها كــيما أُقـــ
ـلــبَّ ناظـــريَ ببــركـــةِ الـتــيار
ورويــتُ للأصحـــابِ أنبـــاءً لــنَـبْــعٍ
قد جـــرى فــي (وادي الـمِـنْـثَار)
لاحَـتْ علــى الأفــقِ القــريـبِ ملامحٌ
لـتــلاحُــمِ الأحــقـــابِ والأشجار
وشــــذا الزهــــورِ سَرى ليملأ أنـفَـنا
مـن نَفحـــةِ الأزهـــارِ والأثــمــار
وتــبادرت فــي ناظــــريَّ إذا بَــــدت
ما قـــد رأيـــتُ ببهجـــةِ الأنـظار
تلك (الـمــزارعُ) أيــنعـت ثمــراتُـــها
والصخرُ صار بغصنـها متـواري
وجلستُ قـرب سفـرجلٍ والتينِ والأمـ
ـباءِ والليــمـــونِ فــــي الأحــجار
وثنيتُ غصـــنَ الخـــوخِ أقطـفُ حـبَّه
وبـقـربه عــنــبٌ جـــلا أفـكــاري
وتداعـبـــتْ أغصــانُــها وثمـــارُهـــا
بلُجيــــنِه الـــوضـــاءِ والـمـدرار
وسألــتُ عـن مــزمـــارِ داؤودَ الــذي
قـد جــاءَ فـي نـصٍ مـن المختار
ولقد ذهــبـتُ إلى (الحـقابِ) مــراوحا
فظللتُ أشربُ من قـلال الساري
فإذا ميــــاه السقــفِ أبدتْ ضـرعَـــها
تـروي الأنــامَ وقـفـتُ كالمـحتار
حقــبٌ عـلى حقــبٍ تــلــوحُ كــأنَّـهــا
بيـتٌ مهيـــبٌ شُـقَّ في الأحجار
أكرمْ بحـقــبـــةَ قــد غــفــونا تحـــتها
تلك (السبيـلُ) تقي من الأخطار
قـد ظللـتـنا بعــد مــا صـــبَّ (الـبَّـلـــ
ــولُ)بظهــرِنا من مائه المدرارِ
وأنَـفــتُ مــن خــــدرٍ يُكمِّمُ خيـــرَها
وقفزتُ نحو(البوتِ)مثل الضاري
ورفعــتُ غــصناً قـــد ثَـنَـتـه ثمــارُه
و(النمتُ والمسدُ)الكـثيفُ جواري
وركضتُ في فــلــواتِها فـــرحاً بــهـا
ودلـــفـتُ في جــناتـــها مـتــواري
وجلستُ أشــربُ باليــمـيــن مـياهـها
ونقشتُ أشعــــارَ الهـوى بيساري
والشمسُ داعبــت الميــاه بـضوئـــها
فَعَلتْ لتحجــبَ جـــرمَــها بـسـتار
هـي قلعــــةٌ حفـــظَ الإلــــهُ نعــيمَـها
هي أيـــــةٌ لبــديـــعِ صـنعِ الباري
يا مــــن رأيت لجيـــنَها بـــتْ شاكراً
لله وأحفــظْ أفــضـــــلَ الأذكـــار
وادعُ الإلــــهَ بــــان يُــعــيــدَ تجمُّـعا
خــيـراً أُحـــيــــط بليله ونـــهـــار
آه لهـاتــيــك الســويـــعـــاتِ الــتـــي
قُضيت هــناك كمثلِ طيفٍ ساري
سأظــل أذكــــرها وأذكــــر طــيــفَها
ما ســال (وادي الســـقِّ) بالأنهار
أحمد بن هلال بن محمد العبري
أحدث التعليقات