قصيدة رثاء الشيخ الجليل الناصر المروري رحمه الله تعالى

وهــو الـذي من كــلِ شي أقـربُ

عجـبـا لهذا الـمـوت، أيـن المهـربُ؟

يوماً ضيـاءُ الشـمسِ عنه   يغـرب

والــمـــرءُ إذ تُـلهيه شـمــسُ حـيـاته

الـشـرقُ كـلُّ عـزائه والمـغـرب(1)

أين العــزاءُ؟  أجـاب قــلبٌ مـؤمـنٌ:

يــأوي إلـيهـا تــائـهٌ ومُــــعـــذب

فنـصبتُ خـيـمـةَ شاعــرٍ ومشاعـــرٍ

فأجبتُ: للأخـيــارِ دوماً   تـُضرب

قالــوا: لـمـن هــذي المضـاربُ بيننا

مــرَّ الــذيــن بـحـبـهم   نـتـقـــرب

هي خـيـمـةُ الـحـبِ الـتي فــي ظـلها

قــدرٌ بـه بين الـــورى نـتـطـيـب

مــروا هــنــا ، ولقد بقي من فضلِهم

وبقـيــتُ فــي زمـــنٍ به   أتــرقب

(ذهـبَ   الـذيـن يُـعــاش في)واحــاتِهم

راضــون عــن عـبدٍ بـها يـتـقلب

واللهُ إن يـَــرضى فـــكـــلُّ عــبـــاده

كــلِّ الـقـلوبِ شهــادةٌ   لا تَـنضب

إن قيل: ما أدراكَ عنه؟ لـقـلـتُ: فـي

سيجيب عن تسئالكم ذا الـمـذهب

أو قـيـل: ما أو مـا؟ لـقـلـتُ مُـذكِّـراً:

   هل   مثل شيخي ذات يوم أُنجب؟(2)

ستجـيـبـكم عـنـي (قــرارةُ) روحــهِ:

أنـوارها حـتـى تـوارى الـكوكب(3)

ستجـــيـب سـلسـلةٌ لــتـاريـخٍ، بــدت

واد إذا واراه عــنــــا الــغَـيــهب(4)

سيُجــيــبُ عـــــزابيُّ واد ، دمـــعـُـه

مـثـل الـــذي بهـمـومـِــه   يـتـقـلب

أوَمـن يـنام اللـيـلَ مــــلئ جــفــونـِـه

مـثـل الـذي أفـناه هــذا   الـمغـرب

أوَمـن يـروح مشــــرِّقاً ومـــغـــرِّبــاً

مـثـل الـذي أعيا يـديـه الـمـكـتب

أوَمـن يـمــدُّ يديـــه فـــي أكمـــامِـــه

مـثـل الـــذي ألــهاه مــاذا   يكسب

أوَمـن قضى عـمـــراً لخـدمةِ ديـنـِــه

مـثـل الــذي سلـبت هــواه   زينب

أومن هـــواه مـــعـلــقٌ فــي مسجــدٍ

ويـقـولُ لـي: بأسايَ لا لا   تسهب

أومن، ومن، والحرف ينزف جرحُه

واسأله مـا هـذا الغـراسُ   الطـيب

ودِّعــه نحــو غـــراسِــه فـــي جـنـةٍ

بالله   توفــيــقي ، فـقلت:سـأطـلـب

كيف استطعـت؟أجاب عمرٌ صالحٌ

تـــرقى بقربك في العُلا إذ   تكتب

عـلِّـــم يـمـيـني ما تخــطُّ ، ومـــا به

ـــلاصِ والـتـقوى وما به   أتقرب

لقِّن فــؤاديَ ســـورةَ الإيمـانِ والإخـ

فالـحـبُّ لا يُشـرى ولـكـن   يُوهب

أنشدْ عـلـى أُذنــي فــيـوضَ مـحـبــةٍ

سيظلُ مـن ذكــراه فـيها صَـيِّب

والنفسُ إنْ رحــلَ الحبـيـبُ مــودِّعـاً

حـبَّ الـعــمــانـيـيـن أنَّـا   يـذهب(5)

هو إنْ حوته (جـزائـرٌ) فـلقــد حـوى

جعل القلوبَ بحـمـدِ ربي تَخطب

هو إنْ أتــانا (الناصرُ) الــبـرُّ الــذي

بــمحجـةٍ أصـحبـُها لــــم   يُغـلبـوا

فرأيـتــه بـيـن الـــمـحافــلِ حـــجـــةً

(حمرائنا) نُصغي وحيـناً نَطرب(6)

ورأيتُه بين الــبــلابــلِ فـــي ربُــــى

ولأُذنِ كـــلِّ الســامـعـيـن   مُحبب

يشدو بصــوتٍ لــم نمــل ســمـاعَـــه

هــو أُنـسُها وأنــيسُها   وهـو الأب

ورأيـتـه يهـبُ الـمـجــالـسَ روحَــهـا

ستقـولُ لي قصّرتَ في ما   تنسب

أنا إنْ نسبـتُ لـــه الـفـضـائلَ كـلَّـهــا

وكـمثلها (الحمراءُ)- قال   الطيب

ستظل (نـزوى) في اشتيــاقٍ للذي –

بعث السرورَ به وروضٌ أرحب(7)

ويــظــل يذكـــره بـــحــبٍ مـحـفـــلٌ

من ذكــرِه، من فضلِــه تـتـجلبب

هــذي القصـيدة روحُـها من رَوْحِه،

هـــي دون ســدرتِه الـتـي   أتهيب

هــي قــابُ قــوسين الــدنوِّ، وإنـَّــمـا

وأنـــا بها لــذوي الـتـقـى   أتـقرب

هـي ما بها أرجو الرضى من خالقي

بشـفـاعــةٍ يــرجو نـداها   الـمذنب

هي دعــوةٌ للشـيـخ أرجــو خـيـــرَها

يا فـردُ ، يا قيـومُ ، منك   المطلب

يا ربُّ ، يا رحـمنُ ، من فلقَ النـوى

يا من بـنـورِك قــد أنـارت   يثرب

يا رازقَ الأحيـاء ، يا غـوثَ الـورى

فــاقَ الـخـيـالَ، فـما   عسانا نكتب

يا من له الأسمــاءُ ، نــورُ جــلالـِـها

وعلـى يـمـيـن الـمرسلين مُقـرَّب

هـنــئ إلـهـــي مـــــن أتـــاكَ بجــنـةٍ

بحــراً له ، والصالحاتُ المركب

ربـــاه، إن الشيــخ صــيَّـــر دارَنــــا

فـيـهــا الســرورَ ومنتهاها   أطيب

فاجعــل لنا في إثـــره دربـــاً نـــرى

طُــوبى لــمـــن برضاه   دوما طنَّبوا

ورضــاك يا ربـَّــاه غــايــةُ قـــصدِنا

أعـــمارَهـــم حتى يــقـــوم   المذهب

واحفظ لنا أشـيـاخَ عــلمٍ ، أوقـــفـــوا

وعلـى (نفوسة) فالمصائـب نُوَّب(8)

في (وادي مــيـزاب) الأبــي بأهــلـه

وهنا بـ(مسقط) حيث حبي أسكب(9)

وجـزيـرة الأحــلام أعــنــي (جربة)

 فمتى سيأتي من حماها(مصعب)(10)

في أمـــــةٍ صعــبــت لـنــا أيـــامـها

مــا اللهُ يــكـشــفُـه فــلا   لا يـحـجـب

لا يــــأس ، فالأنـــوار بـــدرٌ بَــيِّــنٌ

نـــرجـــو به أن يــسـتـقـيم   المكسب

فأكتب لـنـــا اللهم عــمــراً صــالـحـاً

مـــا لاح صـبـحٌ أو غـشانا   المغرب

وصــــلاةُ ربــــــي للنبي مــحــمــــدٍ