شيخي الجليل محمد بن عبدالله الخليلي حفظكم الله ورعاكم
السلام عليكم ورحمه الله
لا طاقة لي بالتعليق على قصيدتكم(١) العصماء في ندوة الإمام الرضي محمد بن عبدالله بن سعيد الخليلي رحمه الله تعالى ، التي نظمتها جامعة نزوى بالتعاون مع مركز سناو الثقافي، فقد غالبت دمعتي وأنا أقرأ القصيدة، إذ استحضرت شيئا مما كتبه الشيخ الجليل سعود بن علي بن عبدالله الخليلي على لسانه في كتابه (كلمة). فقفزت إلى ذهني عبارة الإمام غالب بن علي بن هلال الهنائي رحمه الله تعالى للشيخ سعود: “لم نجد لكم ( آل الخليلي) في دفاتر الرواتب رواتب ” فقلتُ له :” لم يكن الإمام الخليلي ينفقنا من بيت المال” ص ٧٥. انتهى
هذه الكلمات تكتب بماء الذهب. وفي تجلياتها ما لا يحصى من الأبيات التي لن توفي حاكما عاش في القرن العشرين حياة من الايمان والتواضع والزهد والامانة والعدل والنزاهة تعجز الندوات والقرائح عن أن توفيها حقها، كيف وهو الذي خرج عن العلماء حين أرادوا اختياره إماما فتبعه الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد بن محسن العبري رحمه الله تعالى ليقنعه
أ(محمد(١) قد وُلّيتَ فما .. وَلّيتَ وأمرك تحمده
فسريتَ بما كُلفت به .. مسرىً ينجيك وينجده
بخطى الفاروق وسيرته .. وتقاه مضيتَ تجسده
قبس من نور أنت ومن .. علم والله مسدده
يا نور الله وسيف الله وخيلُ الله تؤيده
طلقت هوى دنياك تقىً .. ورغيد معيشك تزهده
تعود بنا أيها الامام الرضي لما قبل العام العشرين للهجرة، لتقدم لنا نموذج المؤمن الحاكم الذي تمثل هدي الفاروق المهتدي بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لترد بلسان الحال على من يقول أن حياة الصحابة لا تتكرر.
أخفضت جناحك في دعةٍ .. ليتيمٍ بِتَّ توسِّده
ولطالب علمٍ منقطع .. تدنيه اليك وترفده
وتقوم الليل وتحييه .. علماً وصلاةً تسجده
ونهارك طراً توقفه .. للناس بدأبٍ تقعده
والمال غياثاً تسكبه .. لله وحمداً تحصده
تنثال على ذهني عشرات القصص التي رواها لي أبي وعمي وخالي رحمهم الله تعالى عن صفاء قلبه وحسن ظنه وتواضعه وزهده، عن حاله حين باع ماله لصالح بيت مال المسلمين، عن وصيته لآل الخليلي بتسليم كل ما في قلعة نزوى للمسلمين.
وتتبادر لذهني قصة (العلعال) الذي زاره ، فدخل عليه آمنا الى غرفته الخاصة كي يذوق مما يأكل الإمام، فخرج والدمعة في عينه، إذ لم يجد طعامه مختلفا عن طعام باقي الناس.
أعود لكتاب (النمير) للشيخ محمد بن عبدالله السيفي لأقرأ عشرات القصص رواها من عاصروا الإمام ساعة ساعة، فأقف أمام قصص لولا تواترها ومعاصرة رواتها للإمام لحسبتها من الخيال.
حدثيني يا قلعة نزوى، ويا ربوع نزوى، ويا أفلاج نزوى بالمزيد الذي يهنأ القلب بسماعه. ولكن لا تلومي دمعة عيني إذا انسابت مع فلج دارس، وتمثلت بعض قطراتها في أبيات من (صاحبِ الشمسَ):
لا تسلني، وسل (الشهباءَ) عن
عَتَباتٍ قد بلغنَ السُّحبا
درجاتٌ، كلما الخطو ارتقى
ترتقي الأرواحُ فيها الرُّتبا
شرفاتٌ للمدى، ويحَ المدى
كاد من عليائِها أنْ يثبا
غرفاتٌ ، نورُها من جبهةٍ
بعماماتٍ كشفنَ الحُجُبا
وعلى الجدرانِ طينٌ لازبٌ
بيديْ قيدِ المعالي لزبا
قاذفاتٌ لحُماة خَلَطوا
عزمَهم بالحق تُلقي اللهبا
كلما أسرجَ خيلاً فارسٌ
بيدٍ، قَلَّبَ بالأخرى الظُّبا
***
لا تسلني، هاهنا محبرةٌ
مددُ الأنوارِ يحيي الكُتُبا
وكأني بفقيهٍ حولَه
فتيةٌ، جدَّ فجدوا الطلبا
ومضوا حيثُ انتهى سابقهم
فأناروا شرقها والمغربا
خلفَ مقدامٍ ثراه طيبٌ
وثريُّ الطيبِ يُعطي طيبا
نظرةُ العينين بدرٌ للدجا
ويمينُ البسطِ تمحو الكربا
عرفوا اللهَ فجدوا نحوه
وإلى الإيمانِ صاغوا النَّسَبا
فاستقامتْ أمَّةٌ ما عرفت
غير دينِ اللهِ أما وأبا
كلُّ شبرٍ فيه من آثارِهم
عتباتٌ تستَحثُّ العَتَبا
حدثيني يا ربوع سمائل ووادي محرم بمن تربى في أحضانك على هدي القرآن فتمثله منهجا وسبيلا
حدثيني يا ضفاف وادي سمائل حيث مسجد الإمام الخليلي وبيت الباروني وبين السبحية عن آل الخليلي:
آلُ الخليلِ ، وإني حينَ أذكرُهم
أرى أماميَ صرحاً عاليَ الشمم
آلُ الخليلِ ، ومهما قلتُ من كَلِمٍ
فلا أُحيط بهم في أحرفِ الكَلِم
آلُ الخليلِ، وحسبي أنَّ حبَهم
بنبضِ قافيتي مدٌ لنبضِ دَمي
رحمك الله أيها الإمام الرضي محمد بن عبدالله بن سعيد الخليلي
فغنمت رضى مولاك هنا .. وهناك الصدقُ ومقعده
فارقت مقاعد الدنيا الكاذبة رغم جلالها وجمالها إلى مقعد صدق (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ {54}فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ {55} القمر)
صدق الله العظيم
وهل من معتبر؟؟!
وجزاك الله خيرا أيها الشيخ الجليل محمد بن عبدالله بن علي الخليلي إذ حركت في قلوب المحبين أشجان المحبة للصالحين. نسأل الله أن يهديني لاقتفاء آثارهم.
اللهم آمين
١٨جمادى الآخرة ١٤٣٧ هجرية
٢٧مارس ٢٠١٦م
(١) مطلع قصيدة الشيخ محمد بن عبدالله الخليلي:
الشعرُ اليك تَودُّدُهُ .. وقلوب الفصحى تَحسدهُ
والشعر بذكرك منتظم .. ويجود لقدرك أجوده
ومنها أخذت جملة من الأبيات في المقال،، فلزم التنويه
أحدث التعليقات